مشاهد

(١) المشهد الذي يتكرر كثيراً

_ أي شيء هذا الذي أشعر به؟ بل أي شيء هذا الذي لا أشعر به؟

+ سمعتهم يقولون أن السعادة قد فارقت كل سوري وأنها حيثما وجدته، سلكت طريقاً آخر.

_ إنهم محقون. هي لعنةٌ ما، جنون ما، شيء ما قد مسنا وتركنا نتخبط بعد ذلك في ظلمة لا تزداد سوى ظلاماً يوماً بعد آخر.
لست أعلم ما هذا الذي حل بنا..
وأي اسم أو صفة أطلق عليه..
هل أسميه حرباً أهلية؟ أم طائفية؟ أم حرباً دولية؟ هل هناك صفة تنصف ما يحدث؟
هل هناك اسم معتم يشبه ما نعيشه اليوم؟
لماذا تمضي الحرب متثاقلةً على أرضنا وكأنها قد وجدت فيها مأوىً تحبه ويحبها؟
لماذا كلما حاربناها أنجبت لنا حرباً جديدة؟

+ وهل حاربناها فعلا ً أم أن كل ما فعلناه هو أننا ألقينا بحقدنا وكرهنا على النار المشتعلة فازدادت ضراوةً..
وغرسنا رصاصنا في صدور من نعلم جيداً أنهم إخوتنا.. في صدور من نحب..
تركناه هناك يخدش الأضلاع، يكسر القلب ويستقر ليشهد على كل شيء، كل شيء!

_”الدم لا يصير ماءً”

+ لقد صار الدم ماءً.. بل صار هباءً.

_أي طريق نسلك إذن؟ أي درب؟
في كل طريق يلوح لنا شبح بارودة تميل نحونا، في كل سيارة نركبها نشم رائحة قنبلة ونسمع تكاتها ولا نعلم هل هي تكاتها حقاً أم أن خفقات قلوبنا المذعورة هي التي تدق بصوت خافت وكأنها تخشى أن تعلن عن وجودها أو تكشف عن موقعها، في كل لحظة تصل إلى نوافذ غرفنا رائحة الحرب، تخترق الزجاج، تتسلل إلى أنوفنا، وتتناهى إلى أسماعنا أصوات الهمجية وهي تدمر ما تبقى من كل شيء جميل.

+ هل هذه الأصوات هي أصوات مدافع؟!
أم أنه التعب يدق جدران الروح ويعض القلب؟!

************************************************************

_ أراها مزهرةً دوماً وإن احترقت.
تراها تذكرني شجرة التفاح التي أحببتها؟!

+ للتفاح ذاكرة لا تنسى.. الزهرة التي تفتحت على شجرته، قطرة المطر التي ارتوى بها، واليد الحانية التي مسحت عليه.. كل هذا يذكره جيداً.

**********************************************************

_ أعمار الناس!

+ ما بها؟

_ قصيرة! وحده الحزن عمره يطول!

+ ….!

(٢) المشهد الذي لا نحبه

في أي طريق نسير؟
في أي اتجاه نمضي؟
إلى أين؟
الدروب أمامنا طويلة
قتلى وصرعى على الجانبين
في أي طريق نسير؟
وكل الطرق تؤدي إليها
وكل الطرق لا تفعل!
فنبقى حائرين واقفين بين بين
على الطريق أشباحٌ، خيالاتٌ،
أنصاف بشر
قمرٌ يضيء لنجمتين
طرفان اثنان يقتتلان
يضيئان السماء بالقنابل،
يسقطان على الأرض اثنتين
على الطريق نرى دخاناً،
نرى دماءً،
نرى وطناً قتيلا ً..
وقاتلين!

(٣) المشهد الذي نحبه.. كأن شيئا لم يكن

_ صباحكِ جنة أيتها الأم الحنون.
صباح يشبهك أيتها المدينة التي لا تأسر ولا تخلي السبيل.
حنونة جداً، قاسية جداً. وساحرة جداً!
زهركِ يملأ رئتي..
وشوقي يطفو مع أوراق الورد في بحرة دمشقية، ويمتزج بأذان جماعي في المسجد الأموي وصوت الله أكبر يصدح عالياً، ويتهادى مع مشي الحمام الذي يسكن ساحاتكِ ويزين سماءكِ ويزورنا كثيراً..
سأحكي للطيور عند المسجد الأموي.. سأحكي للصغار..
كيف يتسلق الياسمين على جدرانكِ وكيف يعبث الفل على أرصفتكِ.
كيف تفوح رائحة الخبز الطازج في الصباح، وتسافر فيكِ رائحة القهوة، وكيف تسكنكِ رائحة الحب!
ربما أكذب.. ربما أقول أنكِ تبادلينني الحب وأنكِ مثلي لا تطيقين الانتظار..
بيني وبينكِ حبٌ.. وأسرارٌ كثيرة..
قلبٌ معلقٌ بكِ.. وقصائدٌ لا تكتمل مهما أحاول..
هل تراكِ تبادلينني الحب؟!

+ ابتسمت المدينة.

12039473_897744613644726_5461240324747056887_n

جمال

قمرٌ يتوسط السماء ويرسل إشعاعاته تلقي عليك السلام، تصافح عينيك بهدوء وتتبع ذلك بمناجاة تستمر طويلا ً..
نسمة هواء تربت على كتفك، في اللحظة المناسبة تماماً فتنجو من حوت يأس كاد أن يبتلعك..
عزف عودٍ جميل يعيد الماضي إليك ويأخذك إليه، فتلتقيان في منتصف اللحن.. أنت الذي لطالما أحببت أغنيات الزمن القديم، وشعرت أنك تنتمي إلى ذاك الزمن لكنك ضللت الطريق فجأة فوصلت إلى هنا.
جمال المنظر حولك يملأ عينيك.. يجعلهما تفيضان بالحب كما لم تفعلا من قبل..
كيف يمكن إفساد جمال المنظر بصورة تلتقطها بهاتفك (الذكي) متجاهلا ً ذكاء عاطفتك وذاكرتك، الذي رسم للمشهد صورةً متكاملة؟
كيف يمكن لهاتف أحمق أن يتباهى بقدرة عدسته أمامك، أنت الذي تلتقط بعينيك أدق التفاصيل، أجمل الألوان، المشهد الحقيقي.. وتحتفظ بكل هذا إلى الأبد في مكان ما _لن أسميه ذاكرةً فثمة أشياء لا تنسى حتى بعد فقدانها_ بعيداً عن الحذف والإضافة والتعديل وحماقات الهواتف الذكية!
كيف يمكن لعالم المادة ادعاء القدرة على تخليد اللحظة؟
وكيف يمكن لك أن تنبهر بأسلحته وأنت تملك الأسلحة الأقوى، والأحدث.. مهما صدرت تحديثات جديدة ومهما اختلفت أرقام النسخ الأحدث؟
إن عالم المادة يتطور فعلا ً، التكنولوجيا والعلوم في تطور، وعالم الروح يضمحل شيئا ً فشيئا ً ونحن نصدق بسذاجة كل ما يقال لنا باسم العلم.. غافلين عن أننا نحن أنفسنا لسنا أجساداً وحسب! وأننا نحن الأصل ونحن النسخة الأولى، والنسخة الأحدث!
النسخة التي تسمو أيضاً عن عالم المادة بالروح..
النسخة التي تحتفظ بأدق التفاصيل، القادرة على تحليل المعطيات بذكاء وعاطفة معاً، فهما جزء لا يتجزأ ولا ينفصل..
النسخة التي تتمتع بالإحساس.. هذا الإحساس الذي ينفرد به كل منا.. يتميز به..
لا تستطيع أن تنقل للآخرين روعة المشهد عبر صورة، فوحدك من يرى المشهد الحقيقي..
المشهد الحقيقي ثلاثي الأبعاد ملكك وحدك.. ولا يمكن لأحد أن يشاركك به ما لم يكن حاضراً معك.. حتى أن أبعاداً أخرى تلعب دوراً تترك لكل شخص انطباعاً معيناً عن ذات المشهد..
دع هاتفك جانباً وتأمل الجمال.. املأ عينيك واروِ ظمأك..
الصور التي تسكن الذاكرة لا تموت.

13466028_203304116731136_1568094572976864644_n

 

ثقب في الذاكرة

هو الحنين ..
فمن غيره يقرع باب قلبي ونوافذ ذاكرتي في هذا الوقت المتأخر من الغياب ؟
وماذا عساي أقول للنسيان الذي وعدته أن أكون وفية له ؟
وها أنا الآن أخونه خلسة … وربما علناً في الغد .
هو الحنين ..
هذا الزائر الملح الذي يأتي دائماً في الوقت الذي كنا نظن فيه أننا نسيناه ..
يأتي ليسخر منا ومن اعتقاداتنا..
يأتي لينسفها ويرمي بها في صندوق أخطائنا التي لم يعد يتسع لها أي صندوق .
هو الحنين يعيدنا لأشياء وأشخاص وأماكن ..
يعيدنا لسنوات مضت ويأخذنا لسنوات قادمة ..
ويمضي بنا متنقلين في الزمن ..
وخارج الزمن.
يأخذنا ليوم لا يؤرقنا فيه بكاء الياسمين عند منتصف الليل على ضفاف البحرة الدمشقية …
لليل لا تنير فيه أضواء القذائف درب العائدين إلى بيوتهم بعد نهار طويل من مواجهة الموت ومطاردة الحياة ..
ليوم تغلق فيه أكشاك بيع التذاكر أبوابها في وجوهنا وتصيح :
“لم يعد هناك تذاكر لأنه لم يعد هناك سفينة أصلاً !
لقد تحطمت سفينة الحزن على إحدى صخور الأمل ..
فارحلوا من هنا ولا تعودوا مرة أخرى !”
لدقيقة نتكئ فيها على سيارة ولا تنفجر فينا محولة إيانا إلى أشلاء وأسماء في مهب النسيان ..
لليل ننام فيه حين نشاء وبملء إرداتنا دون أن تجبرنا فوهة لبارودة ما على النوم الأبدي وبدون حلم ..
لصباح نستيقظ فيه ونروي أحلامنا لا كوابيسنا ونتناول طعام الإفطار وقهوة الصباح دون أن يقاطعنا ويقتل شهيتنا خبر رحيل أحدهم إلى المقبرة المجاورة ..
لأزهار نضعها في مزهريات جميلة تزين بيوتنا ويهديها شاب لحبيبته وطفلة لأمها
وتزرعها امرأة على مائدة عشاء لشخصين على ضوء الشموع ..
دون ان نشعر بالألم وتأنيب الضمير لأننا لم نضعها على قبر الشهيد الذي لا نعرف اسمه !
أو ربما نعرفه لكننا نسيناه في زحام الأسماء !
لشمعة لا تذكرنا بالليالي المعتمة والمستقبل المعتم الذي ربما يكون في انتظارنا ..
لأغنية أو لحن لا ينهش لحم ذاكرتنا ولا يغرس شوك الحسرة في قلوينا موقظاً ذكريات مرتبطة به ومقيداً إيانا إلى شجرة الأرق !
ليوم نمر به على الدكان الذي اعتدنا ان نشتري حاجياتنا منه ولا نراه مغلقاً لأن صاحبه قد قرر أن ينقل سكنه ودكانه إلى الجنة ..
فنشتري الشوق والألم ونترك قلبنا هناك مكان القفل ليحرس الدكان في حال غيّر صاحبه رأيه .. وعاد !
لهوايات نحبها ويمضي الوقت سريعاً ونحن نقوم بها ..
لرياضات كنا نمارسها لا تشبه في شيء ( مناورة الرصاص .. وركوب الجنازة .. وسباق القذائف ) ..
لسفر أو رحلة لا تدخل في إطار النزوح أو اللجوء ..
لخيمة في مخيم صيفي لأطفال الكشافة لا لخيمة ذل على حدود وطن (عربي) آخر ..
لقفص عصافير جميل لا يذكرنا بآلاف العصافير القابعة خلف قضبان الألم والنسيان ..
لطفل يغني :”ألف .. أرنب” لا ” سكابا يا دموع العين سكابا” ..
لزمن لا يتحول فيه كل لون أحمر في نظرنا إلى دم وموت ..
لأشخاص لم يرحلوا ..
لم يرحلوا !
ولم ترحل قطع من أرواحنا برحيلهم !

هو الحنين ، هذا الجلاد الذي يجيد الضرب على أوتار الشوق ويثير الفوضى في داخلنا ثم يتركنا على حافة الجنون ويرحل راسماً على وجهه ملامح البراءة ..

ها هو يقرع باب ذاكرتي الآن .. فهل أفتح له ؟
لن أفعل .. وسأحكم إغلاق الأبواب والنوافذ ..
لن أسمح له بالدخول ..

هو الحنين .. إنه هو !
أمامي الآن !
ويحك ! كيف دخلت ؟

_ من الثقب الذي صنعته القذيفة في جدار ذاكرتكِ أيتها البائسة !

4/5/2013
الساعة الثانية بعد اقتحامه !

12299244_544177955748757_3762297983052707412_n

تطرّف

يحدث أحياناً أن تعجز عن التعبير عما في داخلك، أن يخونك ليس الكلام فقط وإنما المشاعر نفسها.. تتخلى عنك.. تتركك معلقاً، عاجزاً عن تحديد طبيعة شعورك.
تبدو حينها كشخص غريب في بلد لا يفهم لغة سكانه ولا يحاولون هم أن يتواصلوا معه..
تحاول أن تخلق وسيلة تواصل، فتعجز.. ربما لأنك بالأصل غير راغب في التواصل مع من حولك.. ربما لأنك تشعر بالازدحام، بالفوضى.. أفكارك تملأ رأسك وتسير معك أينما ذهبت، تقرأها على الجدران التي تمشي بمحاذاتها، وتراها بين سطور الكتب التي تفتحها، وتطل عليك بوجهها المتسائل من فنجان قهوتك في الصباح..
تشعر بالاكتفاء، بعدم الحاجة إلى من تتحدث معه، ربما لأن أحداً لن يفهم، وربما لأنك لن تستطيع أن تشرح لأحد ما يحدث في داخلك، وربما لأنك لا تفهم نفسك في الحقيقة !
الأفكار كاللعنة، كمثبّطات المناعة.. تصيب المرء فتتركه يستسلم لها بدون مقاومة.. والنفس معتملة بالكثير، جلسة فضفضة لا تكفي !
الذاكرة تحتاج إلى ثقب ما، إلى مخيم لاجئين ينزح إليه سكانها، إلى ذاكرة أخرى تستوعب هذا الكم من الذكريات الهاربة من جحيم الحرب هناك.
والنفس تحتاج إلى خطة ما للتخلص من تطرف المشاعر المسيطر فيها، قبل أن يتفاقم الوضع أكثر وقبل أن يسيطر المتطرفون على مواقع حيوية كالقلب مثلاً !

image

ألزهايمر

تبدو الحياة التي نحياها اليوم أشبه بحياة مرضى ألزهايمر .. بمراحله الثلاث ..
في المرحلة الأولى تصاب الذاكرة بالتشوش ، التخبط ، والنسيان .. تبدأ بنسيان الأحداث القريبة ثم الأبعد فالأبعد ..
والمرضى كثر .. فكثير منا نسي كل شيء ..
نسي أشياءً ليس من المفترض نسيانها .. وأشياء أخرى خلق لأجلها ..
في المرحلة الثانية يبدأ المرء بفقدان المهارات المعقدة كإدخال رسالة في ظرف وإغلاق أزرار القميص والقيام بالمناورات الصعبة ..
وليس هذا بغريب عن واقعنا ، فلا عجب أن معظم رسائلنا لم تصل .. على الأقل ليس إلى عنوانها الصحيح .. ولا عجب أن الأزرار المفتوحة أو الثقوب الموجودة في عقولنا لا زالت مفتوحة حتى الآن رغم ما ينشأ عن هذا من مشاكل دخول أفكار لسنا مستعدين لها ، وخروج أفكار أخرى قد تعني لنا كل شيء !
في الواقع لا يمكن لأحد أن يتنبأ بموعد الوصول للمرحلة الثالثة ، فقد تحدث الآن أو بعد عقود ..
لكنها ستحدث في النهاية ، وربما حدثت لدى البعض بالفعل .. عندها يفقد المريض قدرته على القيام بالاعمال اليومية التي يقوم بها ويصبح بحاجة ماسة للاعتماد على الآخر .. (الآخر الذي قد يكون مصاباً فعلاً بألزهايمر في مرحلة ما) ..
فلا حاجة لذكر الأعداد التي تعتمد بشكل كلي على الآخر .. وقد يصل هذا إلى مستوى الدول أيضاً ..
في النهاية يبدو أننا جميعاً مرضى ألزهايمر عالقون في دوامة حقيقية فلا علاج فعال إلى الآن ..
وألزهايمر ينتشر .. يأكل خلايا الدماغ ببطء .. يتلفها .. ويتلفنا معها !

image

وطن

“وطن”
كلمة مكونة من ثلاثةأحرف فحسب ، لكنها تخلق من الحزن ما يفوق حجمها ..
تمرّ أيام ونسخر منه .. وممن يتحدّث عنه ..
ونطلق على هذا كله مسمّى (سخافة)أو عاطفة ساذجة ..
وتمرّ أيام أخرى نشتاق له .. أو ربما لصورتنا فيه ..
لأشيائنا .. للذاكرة التي تركناها خلفنا عمداً علّها تحرس البيوت الخاوية ..لكنها غافلتنا ولحقت بنا ..
قد يكون وطنك مدينة .. أو مجموعة مدن ..
قد يكون منزلاً بعتبةٍ صغيرة ..
أو بشرفةٍ ضيّقة قد تطل أو لا تطل على شيء ..
وقد يكون هذا كله ..
الوطن هو الذاكرة ..
هو الأهل ..
هو ماضيك الذي تحبّ ..
هو الذي إن رأيت البؤس يحيط به ، حزنت حقاً ..

أنت تحبه ، لكنك تكره حبك له !
وكلنا كذلك .

1900014_265987406896515_796677034_n

غيمة

لأن السماء مزدحمة جداً بالغيوم التي تتوق لأن تفرغ همومها ، لم تتسع لغيمتنا ..
غيمتنا التي تعج برائحة الحزن وعبق التفاصيل ..
تفاصيل أعوام مضت _لكنها ما تزال تجري في ذاكرتنا_ وتفاصيل أعوام نعيشها حالياً لم تحمل لنا سوى الخيبات ..
خيباتٍ تنتظر ان تشفى ، هموماً تنتظر أن تفرّج ، وأحزاناً تنتظر موتاً لا بدّ آتٍ بعد أن تضخمّت بشكل خبيث !
رغم هذا كله ، بقيت غيمتنا على الهامش تنتظر دورها في هطول آخر ..
أو ربما في شتاء آخر .

large (2)