افعل ما تحب <3

كان قلبي ممتلئاً جداً كبركة ماء في يوم ممطر..
كنتٌ قد توقفتُ عن الكتابة، عن سماع الأغاني الهادئة في الصباح كما أحب، عن شرب القهوة على مهل..
كنت قد توقفتُ عن القراءة مساءً حتى يغلبني النوم.. توقفتُ عن تأمل السماء عند الغروب، وعد النجوم في صفحتها وفي قلبي..
كنت قد توقفتُ عن الحلم..
عن الجنون..
عن الضحك بصخب وممارسة الفرح في تفاصيل الحياة..
كنت حينها قد عشتُ الموت.. فالموت أن تنسى نفسك وتهمل ما تحب.. أن تتخلى عن العادات التي تحب.
تصبح حينها كمن يترك الشوك ينمو في قلبه فيوجعه ويدميه..
إن هواياتك الصغيرة تصنع منك أنت.. مهما كان الشيء الذي تحب بسيطاً، لا تتخلى عنه أبداً..
اقرأ الكتب التي تروق لك وقلب صفحات الروايات التي تريد.. راقب السماء.. اجمع الصور أو التقطها إن شئت.. اكتب وإن كانت كلماتك بسيطة وتعابيرك ساذجة، اكتب دون خجل إن كان هذا ما تحب.. ارسم وإن كنت مبتدئاً إن كان هذا سيجلب لك السعادة.. عش قصة حب بكل قواك.. اركض.. العب.. تناول ما تشاء من الحلوى أو من الشاورما ودلل نفسك.. طارد أحلامك.. بل وعشها كأنها حقيقة!
أنت حي فمارس ما تشاء.. كن كاتباً في عين قلبك وكن رساماً وكن مغنياً..
كن ما تشاء.. وافعل ما تحب لأن الحياة قصيرة حقاً ولأن نفسك تستحق الكثير.. أكثر مما تتصور ❤

226625_615383368491559_931146198_n

مشاهد

(١) المشهد الذي يتكرر كثيراً

_ أي شيء هذا الذي أشعر به؟ بل أي شيء هذا الذي لا أشعر به؟

+ سمعتهم يقولون أن السعادة قد فارقت كل سوري وأنها حيثما وجدته، سلكت طريقاً آخر.

_ إنهم محقون. هي لعنةٌ ما، جنون ما، شيء ما قد مسنا وتركنا نتخبط بعد ذلك في ظلمة لا تزداد سوى ظلاماً يوماً بعد آخر.
لست أعلم ما هذا الذي حل بنا..
وأي اسم أو صفة أطلق عليه..
هل أسميه حرباً أهلية؟ أم طائفية؟ أم حرباً دولية؟ هل هناك صفة تنصف ما يحدث؟
هل هناك اسم معتم يشبه ما نعيشه اليوم؟
لماذا تمضي الحرب متثاقلةً على أرضنا وكأنها قد وجدت فيها مأوىً تحبه ويحبها؟
لماذا كلما حاربناها أنجبت لنا حرباً جديدة؟

+ وهل حاربناها فعلا ً أم أن كل ما فعلناه هو أننا ألقينا بحقدنا وكرهنا على النار المشتعلة فازدادت ضراوةً..
وغرسنا رصاصنا في صدور من نعلم جيداً أنهم إخوتنا.. في صدور من نحب..
تركناه هناك يخدش الأضلاع، يكسر القلب ويستقر ليشهد على كل شيء، كل شيء!

_”الدم لا يصير ماءً”

+ لقد صار الدم ماءً.. بل صار هباءً.

_أي طريق نسلك إذن؟ أي درب؟
في كل طريق يلوح لنا شبح بارودة تميل نحونا، في كل سيارة نركبها نشم رائحة قنبلة ونسمع تكاتها ولا نعلم هل هي تكاتها حقاً أم أن خفقات قلوبنا المذعورة هي التي تدق بصوت خافت وكأنها تخشى أن تعلن عن وجودها أو تكشف عن موقعها، في كل لحظة تصل إلى نوافذ غرفنا رائحة الحرب، تخترق الزجاج، تتسلل إلى أنوفنا، وتتناهى إلى أسماعنا أصوات الهمجية وهي تدمر ما تبقى من كل شيء جميل.

+ هل هذه الأصوات هي أصوات مدافع؟!
أم أنه التعب يدق جدران الروح ويعض القلب؟!

************************************************************

_ أراها مزهرةً دوماً وإن احترقت.
تراها تذكرني شجرة التفاح التي أحببتها؟!

+ للتفاح ذاكرة لا تنسى.. الزهرة التي تفتحت على شجرته، قطرة المطر التي ارتوى بها، واليد الحانية التي مسحت عليه.. كل هذا يذكره جيداً.

**********************************************************

_ أعمار الناس!

+ ما بها؟

_ قصيرة! وحده الحزن عمره يطول!

+ ….!

(٢) المشهد الذي لا نحبه

في أي طريق نسير؟
في أي اتجاه نمضي؟
إلى أين؟
الدروب أمامنا طويلة
قتلى وصرعى على الجانبين
في أي طريق نسير؟
وكل الطرق تؤدي إليها
وكل الطرق لا تفعل!
فنبقى حائرين واقفين بين بين
على الطريق أشباحٌ، خيالاتٌ،
أنصاف بشر
قمرٌ يضيء لنجمتين
طرفان اثنان يقتتلان
يضيئان السماء بالقنابل،
يسقطان على الأرض اثنتين
على الطريق نرى دخاناً،
نرى دماءً،
نرى وطناً قتيلا ً..
وقاتلين!

(٣) المشهد الذي نحبه.. كأن شيئا لم يكن

_ صباحكِ جنة أيتها الأم الحنون.
صباح يشبهك أيتها المدينة التي لا تأسر ولا تخلي السبيل.
حنونة جداً، قاسية جداً. وساحرة جداً!
زهركِ يملأ رئتي..
وشوقي يطفو مع أوراق الورد في بحرة دمشقية، ويمتزج بأذان جماعي في المسجد الأموي وصوت الله أكبر يصدح عالياً، ويتهادى مع مشي الحمام الذي يسكن ساحاتكِ ويزين سماءكِ ويزورنا كثيراً..
سأحكي للطيور عند المسجد الأموي.. سأحكي للصغار..
كيف يتسلق الياسمين على جدرانكِ وكيف يعبث الفل على أرصفتكِ.
كيف تفوح رائحة الخبز الطازج في الصباح، وتسافر فيكِ رائحة القهوة، وكيف تسكنكِ رائحة الحب!
ربما أكذب.. ربما أقول أنكِ تبادلينني الحب وأنكِ مثلي لا تطيقين الانتظار..
بيني وبينكِ حبٌ.. وأسرارٌ كثيرة..
قلبٌ معلقٌ بكِ.. وقصائدٌ لا تكتمل مهما أحاول..
هل تراكِ تبادلينني الحب؟!

+ ابتسمت المدينة.

12039473_897744613644726_5461240324747056887_n

رضا

في نظرة إلى المرآة، أدركت كل شيء..
كانت المرآة أمامي في كل لحظة.. لكنني لم أكن أنظر إلى نفسي حقاً فيها.. وعندما نظرت أدركت أنني قد تغيرت كثيراً..
لست أدري متى حدث هذا بالضبط.. ثمة أشياء ننتبه لها بعد حين.. كالشجرة التي تنمو والأطفال الذين نراهم فجأةً يكبرون.
أدرك الآن أخطائي جيداً، أعرفها تماماً وبوسعي أن أشير إليها في الظلام.. وأعلم جيداً كم القناعات التي كنت أعتقد أنها عين الحقيقة وقلبها واليوم أجد نفسي أؤمن بعكسها تماماً.
إن الحياة الحقة هي أن تخطئ وتصيب.. أن تسلك طريقاً كنت تعتقد بصحته فتجده في النهاية لا يفضي إلى شيء سوى السراب.. فتعود أدراجك وتمضي في طريق آخر.. لكنك استبعدت إحدى الطرق من خططك القادمة.
وإنني قد استبعدت طرقاً وقناعاتٍ قديمة بالفعل، ولا زلت أحتفظ بطرق أخرى أعتقد أنها سالكة، وقناعات أؤمن بها.
ولا أعلم إن كنت سأحتفظ بإيماني هذا لوقت لاحق..
إنني أؤمن بالحب، رغم كل ما يحيط به من أفكار خاطئة واعتقادات أكثر خطأً.
إنني أؤمن به وأبحث عنه..
وأجده يبدأ من العقل.. بعيداً عن كل المظاهر والشكليات والماديات والألقاب التي تثبت لي الحياة يوماً بعد يوم أنها لا تعني شيئاً.. وفي أوقات كثيرة تجعلني أحتقرها وأنا أنظر إلى مجتمع كامل قائم عليها!
ولست أنكر رغبتي في أن أجد ذلك الشخص الذي أحبه حقاً.. الذي يروق لعقلي حديثه وأفكاره.. الذي يسعى نحو النجاح ويتمناه لي أيضاً.
الذي يؤمن أن الحب شراكة لا توزيع أحمق للأدوار!
ذلك الشخص الذي كثيراً ما أجده بين صفحات الروايات.. بطلا ً على الورق.. ولا أجده أبداً في الواقع.
رغم كل هذا، لا زلت أؤمن بالحب.
ولا زلت أعتقد أنه يمكنني أن أصبح الأم التي أحب، والزوجة التي أريد، دون أن أخسر حلمي أومستقبلي أو عملي.. ودون أن يكون خيار الاختيار بينهما مطروحاً منذ البداية!
ولا زلت أؤمن بالشغف.. وأن العمل المستمر سيثمر حقاً والرغبة التي تنبع من القلب لا تفتر.
وأن العمل الدؤوب كرغيف الخبز.. ضرورة يومية.
وأن السعي نحو الحلم هو حلم آخر لا يقل عنه سعادةً ولذة.
كما لا زلت أؤمن بالسعادة والتفاصيل الصغيرة التي تخلقها.. وإنني على قناعةٍ تامة بأننا نحن من يصنعها.. كلٌ بما يحب..
أجدها موجودةً في درب جميل رغم التعب ولحظة راحة بعد يوم متعب شاق، في جلسة مع عائلة دافئة وحديث يطول، في لقاء الأصدقاء، في قراءة كتاب أحلم باقتنائه منذ زمن، وفنجان قهوة لذيذ مع قطعة حلوى تذوب في فمي وتمنحني شعوراً مؤقتاً بالرضا.
أن أنظر إلى نفسي جيداً، أتعرف إليها كشخص جديد يدور بيننا حوار للمرة الأولى، أصغي لصوتها، أفعل ما تمليه علي، ما أحبه حقاً، ذلك هو الرضا، الرضا الحقيقي.

67940_231203230372899_756722276_n

إجازة

نافذة مطلة على شجرة ..
ونسمة هواء خفيفة لكنها استطاعت أن تنعشك ..
ولحظة صفاء خاطر ..
وذكريات جميلة وحنين لمن نحبّ ..
أدرك الآن أن السعادة وإن كانت كل مقوماتها موجودة ، إلا أنها لا تتجلى إلا في لحظة ..
لحظة نقرر أن ننسى ما يؤرقنا وأن نكف عن القلق حول أمور لم يأت أوانها بعد ..
السعادة قرار شخصي ، وإن شئت اتخاذه ، فأوقف عجلة الزمن وارفع من شأن التفاصيل الصغيرة ..
فنجان قهوة مع من تحب ونسمة خفيفة تغازلكما ولعلّها تنقل الأشواق بينكما ..
نظرة حب لا تنسى ..
ضحكة من القلب ، وشقاوة حلم تعتقد لوهلة أحياناً أنه بعيد المنال ..
السعادة لحظة .. لحظة يتوقف فيها الزمن فجأة ، فيرتطم بأبعاد المكان .. وتشعر أن هناك أبعاداً جديدة تخلق في نفسك ..
هي إجازة من القلق والحزن حان وقتها ، فإن لم يكونا ينويان الابتعاد ، فلنبتعد نحن .. ولو فكرياً !

large (2)

استراحة

ربما لأن النفس ممتلئة بالكثير تتوقف مراراً على الطريق لتستريح .. لكنها لا تفعل ..
شيء ما يسلبها الراحة .. ربما لأن التوقف في حد ذاته يكون مضنياً عندما يتذكر المرء أن ما هو بصدد الوصول إليه عبارة عن متاهة حقيقية تفضي به إلى دروب كثيرة قد تكون كلها خاطئة !
وربما لأن المرء حينها يتذكر كل شيء ..
وربما لأن ما يدور في عقله سيظل يدور حتى لو توقف هو عن المشي !
لاشيء يجري كما نريد .. كلنا نرددها وإن سُئلنا عما نريده لاحترنا في الإجابة !
ربما لأننا نريد ألا نريد ..
ألا يكون هناك شيء نريده .. أن نملك كل شيء نريده بمجرد التمني على سبيل الطمع ..
أن لا نكون مضطرين لانتظار شيء من أحد .. وأن نكون قادرين على الحياة وحدنا دون أن نربط سعادتنا بأشخاص آخرين ..
وإن عنوا لنا كل شيء !

1441400_233302053499621_640721452_n