رحمة

كل ما تقرأه، تسمعه، تمرّ به، أو يمرّ بك، يزرع نفسه داخلك..
في وعيك حين تشاء..
وفي لا وعيك دوماً، رغماً عنك..
كل المشاعر التي داعبتك في ليلةٍ مقمرة..
كل الحزن الذي غرس نفسه في خلايا قلبك كشجرة زيتون تصرّ على الحياة.. وتصرّ أنت على اقتلاعها..
كل الفرح الذي تركته يمرّ مروراً عابراً، توّليت عنه في غمرة انشغالك بندب حظك.. ولم تسمح له أن يزهر ياسمينةً تعرّش أغصانها في فؤادك فلا يعود خالياً أبداً..
كل الأخطاء التي ارتكبتها، تلك التي تخجل بذكرها، وتلك التي لمّا تنتبه لها بعد..
التجارب الفاشلة التي علّمتك شيئاً، وتلك التي اعتقدت أنها لم تعلمك البتة، لكنك لم تفطن للعبرة التي حفرت نفسها في لا وعيك لتمنحك بعدها شعوراً غامضاً تجاه ما يحدث تسميه أنت حدساً!
كل الذي دفعك لتنادي ربّك نداءً خفياً وأنت تعلم أنه يسمعك ويراك، أنّه قريب منك، الأقرب إليك..
وأنّه سيستجيب..
كل الاوقات التي أهداك الله فيها هدايا مغلّفة برحمته، مغلّفة بالحب، تدرك معها أنه يحرسك دائماً ويرعاك، وأنك لن تضل بعدها ولن تشقى!
كل الذي يحدث لك، يصنعك..
يعطي روحك مدداً..
ويمنحك بصمةً تميّزك عن غيرك.. تجعل منك أنت..
كل الذي يأتيك هو إشارة من الله إليك، فانتبه لها.. خذ بها..
وافتح لها قلبك ❤

1503525_800091156726557_8697143997325643761_n

رحمة ❤

أن تنقطع عن الكتابة، ولا تنقطع..
تبقى الكتابة تمارس فعلها الاعتيادي في داخلك..  يحتبس كل شيء تشعر به داخلك.. كل المشاعر التي أحسستها.. كل الأشياء التي لا تصدق أنها تحدث معك حقاً.. كل الذي لا يحدث معك.. كل شيء..
كل شيء يتراكم ويتراكم في الداخل.. في مكان تعجز عن إدراكه وفهمه.. تعجز عن إدراك موقعه بالضبط ليتسنى لك تحرير كل هذه المشاعر من سجنها وإطلاق سراحها.. بل ربما إطلاق سراحك أنت وتحرير نفسك من ثقلها الذي تجره معك كل يوم.. في كل موقف مفرح أو محزن.. تشعر أنها هناك لتحد من شعورك فلا تفرح كما ينبغي ولا تحزن كما ينبغي.. لقد امتلأ الداخل ولم يعد هناك مساحة كافية للتخزين!
أصبح الوضع بحاجة لعملية إخلاء سريعة.. لنزوح جماعي..
لعمل إسعافي يعيد التروية.. للحظة سكينة.. لدعاء صادق..
ولرحمةٍ لا يقدر على منحها سوى ذو الرحمة الواسعة ❤

{رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} 🌸

image

اعتراف

ثمّة أشياء نعرفها ، مشاعر ندركها ..
ندرك كنهها وماهيّتها ..
نعرفها تماماًً .. لكنها تبدو بشعةً جداً عندما تصرّح عن نفسها بشكل فجائّي !
عندما تفرض نفسها بقوّة .. 
عندما تصرخ بك :”إنني هنا ، فلا تحاول أن تقّنعّني بالأسماء المستعارة”
تتأجج أكثر وتظهر بوضوح عندما نلبسها طاقيّة الإخفاء !

الأشياء الواضحة تثير ضيقنا إن أُخبرنا بها ..
لستَ بحاجة لأن يخبروك أنّ الشمس ساطعة اليوم ، لأنّ في وسعك رؤيتها ..
ويبدو أنّ مشاعرنا تتعمّد إغاظتنا ، تثير حنقَنا بتذكيرنا بها ..
أحياناً يخيّل إليّ أنها هناك في صف العدوّ ..
وأحياناً يخيّل إليّ أنّ العدوّ ليس إلاّ نحن !
أحياناً هو ليس إلاّ أنفسنا عندما نحاول التخلّي عن مشاعرنا ، عندما نطلق عليها تسميات مغايرة ..
تبدو المشاعر حينها كأبناء غاضبين من تجاهلنا ، ونبدو نحن كآباء يأكلهم الشعور بالذنب !
فلنفرح بأقصى ما نستطيع من الفرح ..
ولنطلق أسر دموعنا عندما تحتّج وتصرخ غاضبة ..
ولنقفز بجنون إن أردنا ..
ولنعش كل شعور بتفصيله .. لا ضيرَ في ذلك ..
قد نستطيع حجب الشمس عن غرفنا ، لكنّ ذلك لا يعني أننا حجبنا الشمس نفسها !
في النهاية ، خيوطها ستتسلل إلى الداخل ..
والمشاعر ستفيض !

10931277_1574941506050985_8353036076459728794_n

تطرّف

يحدث أحياناً أن تعجز عن التعبير عما في داخلك، أن يخونك ليس الكلام فقط وإنما المشاعر نفسها.. تتخلى عنك.. تتركك معلقاً، عاجزاً عن تحديد طبيعة شعورك.
تبدو حينها كشخص غريب في بلد لا يفهم لغة سكانه ولا يحاولون هم أن يتواصلوا معه..
تحاول أن تخلق وسيلة تواصل، فتعجز.. ربما لأنك بالأصل غير راغب في التواصل مع من حولك.. ربما لأنك تشعر بالازدحام، بالفوضى.. أفكارك تملأ رأسك وتسير معك أينما ذهبت، تقرأها على الجدران التي تمشي بمحاذاتها، وتراها بين سطور الكتب التي تفتحها، وتطل عليك بوجهها المتسائل من فنجان قهوتك في الصباح..
تشعر بالاكتفاء، بعدم الحاجة إلى من تتحدث معه، ربما لأن أحداً لن يفهم، وربما لأنك لن تستطيع أن تشرح لأحد ما يحدث في داخلك، وربما لأنك لا تفهم نفسك في الحقيقة !
الأفكار كاللعنة، كمثبّطات المناعة.. تصيب المرء فتتركه يستسلم لها بدون مقاومة.. والنفس معتملة بالكثير، جلسة فضفضة لا تكفي !
الذاكرة تحتاج إلى ثقب ما، إلى مخيم لاجئين ينزح إليه سكانها، إلى ذاكرة أخرى تستوعب هذا الكم من الذكريات الهاربة من جحيم الحرب هناك.
والنفس تحتاج إلى خطة ما للتخلص من تطرف المشاعر المسيطر فيها، قبل أن يتفاقم الوضع أكثر وقبل أن يسيطر المتطرفون على مواقع حيوية كالقلب مثلاً !

image